موضوع: عن كلمه الطيبه الجمعة أكتوبر 28, 2011 10:45 am
خطبة الجمعة التي ألقاها سماحة الشيخ حسين قازان حفظه الله في مسجد قائم آل محمد - الطيبة الجمعة: 9/4 1428هـ الموافق: 27/4/ 2007م قال الحق سبحانه في القرآن الكريم: [وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً] ـ الإسراء ـ 53. في هذه الآية الشريفة يخاطب الله تعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وآله فيأمره بأن يأمر عباده المؤمنين باختيار الكلمة الأحسن التي تتضمن اللطف والأدب فتغرس في القلب الألفة والمحبة، وتنشر المودة في المجتمع وتعمق الصلة بين الناس. وقوله تعالى: [يقولوا التي هي أحسن] غير مخصوص بالمؤمنين والمسلمين وإنما يشمل الناس جميعاً المؤمن والكافر على حد سواء، لأن الكلمة الطيبة تؤثر أثرها الحسن مع الناس بوجه عام فتقرب بعضهم من بعض، وتكون خير وسيلة للدعوة إلى الله تعالى، وللدعوة إلى الحق الذي يريده الخالق سبحانه. أما اختيار الكلمة السيئة الخبيثة فتؤثر الأثر السلبي على علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، وتزرع الكراهية والحقد والبغضاء في النفوس، وتوجب التنافر والتباعد فلا يتمكن المؤمن من الإصلاح في المجتمع، ولا يستطيع نشر الحق والعدل بين الناس، ومضافاً إلى ذلك فإن الشيطان العدو الخفي يجد الفرصة المناسبة لإيجاد الفرقة والعداوة بين أبناء البشر القريب منهم والبعيد على اختلاف أجناسهم، فيجعل من الكلمة السيئة شرارة فتنة بين الأهل والأصدقاء ليفرق جماعتهم، ويشتت وحدتهم. ولذلك يحذرنا الله سبحانه من صدور الكلمة الخبيثة التي يولد منها الشيطان بنزغه ووسوسته الخصام والعداوة حتى بين الزوج وزوجته وبين الولد وأبويه، وبين الأخ وأخيه. وقد مثل الحق تبارك اسمه في كتابه العزيز لكل من الكلمة الطيبة والخبيثة فقال: [ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعا في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار]. إبراهيم 24 ـ 25 ـ 26. فالكلمة الطيبة لها من الآثار الإيجابية الحسنة كالشجرة الطيبة المثمرة الثمر الجيد اللذيذ، وذلك الثمر ليس له وقت محدود وإنما هو باق على طول المدى والأيام وما دامت تلك الشجرة الطيبة، وهذا خير مثال للكلمة الحسنة الطيبة النافعة المفيدة، حيث يتأثر بها صاحبها ويتأثر بها المخاطب وليس لذلك الأثر والتأثر زمن محدود وإنما تبقى آثار تلك الكلمة نافعاً ومفيداً على الدوام. فعن الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) قال: القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، وينسي في الأجل، ويحبب إلى الأهل، ويدخل الجنة. وعن الصادق (ع) عن آبائه قال: قال رسول الله (ص): والذي نفسي بيده ما أنفق الناس من نفقة أحب من قول الخير. وسأل رجل النبي (ص) فقال: يا رسول الله أيُّ الأعمال أفضل؟ فقال (ص): إطعام الطعام، وإطياب الكلام. البحار ـ ج86 ـ 310 ـ 311 ـ 312. فالإمام السجاد (ع) يبين أن من آثار القول الحسن: يثري المال، وينمي الرزق، وينمي في الأجل، ويحبب إلى الأهل، ويدخل الجنة. وفي ذلك خير الدنيا والآخرة. أما الرسول (ص) فيذكر في الحديثين الشريفين بأن قول الخير هو أحب نفقة ينفقها المؤمن. وأن أفضل الأعمال هو إطعام الطعام، وإطياب الكلام فمن الآيات الشريفة والأحاديث المأثورة يتبين لنا أهمية الكلمة الطيبة، وعظم فوائدها، وجليل آثارها، وحسن عواقبها في الدنيا والآخرة. أما الكلمة البذيئة والخبيثة التي تؤذي الغير، وتفرق الأحبة، وتسبب العداوة والفتن، وتغرس الحقد والكراهية في القلوب فقد مثلها القرآن الكريم بالشجرة الخبيثة التي لا فائدة منها، بل يكون وجودها عبئاً على صاحبها، وأذية في بقائها فكان التخلص منها وقطعها أفضل من وجودها. وقال إمامنا الصادق (ع): من خاف الناس لسانه فهو في النار. الكافي ـ ج2 ـ 327. فالإمام (ع) الذي لا ينطق إلا عن جده المصطفى محمد (ص) والرسول الهادي (ص) لا ينطق عن الهوى وإنما عن الوحي الإلهي، ففي هذا الخبر الشريف يبين لنا الصادق (ع) بأن من يخاف الناس لسانه فهو في النار ومعلوم أن من يخاف الناس لسانه إنما لصدور الكلام البذيء المؤذي للآخرين، والمهين لنفوسهم، والمسيء لشعورهم وأحاسيسهم بأي نوع من أنواع الإيذاء والإهانة، وذلك كله محرم في الإسلام وعن أمير المؤمنين علي (ع) قال: قال رسول الله (ص) إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذيء، قليل الحياء، لا يبالي ما قال ولا ما قيل له. الكافي ج2 ـ 323. وفي هذا الحديث الشريف يصرح النبي (ص) بأن الجنة محرمة على كل من ينطق بكلام الفحش، وعلى البذيء الذي يتلفظ بالكلام القبيح المؤذي وعلى القليل الحياء الذي لا يستحي من توجيه الكلام الجارح لغيره ولا يبالي بما قيل له من الكلام القبيح. وأما صدور بعض الكلمات أحياناً التي تسيء للغير فبإمكان المؤمن أن يعتذر ويطلب السماح ممن أساء إليه حتى ولو كان الزوج أو الزوجة أو الولد أو الأخ أو الصديق أو غيرهم. ويجوز التلفظ المسيء في حق الظالم الذي يهين المؤمن ويأخذ حقه، ويعتدي على كرامته، ويؤذي شعوره بأي إيذاء. محرم قال الله تعالى: [لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليماً] ـ النساء ـ 148.
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال :- " يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ فقال :- ما شئت قال قلت :-الربع قال :-ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت : -النصف قال :- ما شئت فإن زدت فهو خير لك قال قلت :- فالثلثين قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت أجعل لك صلاتي كلها قال إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك " رواه الترمذي / حققه الألباني / صحيح سنن الترمذي / كتاب صفة القيامة والرقائق والورع/ باب / حديث رقم2457/حسن .
